الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
محاسبة المسلم نفسه على مواقفه السابقة من طاعة الله عز وجل، وصدق التعبد إليه سبحانه، خاصة إذا رافق ذلك لوم وعتاب نفسي على وقوع التقصير، فالمؤمن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب يوم القيامة، وذلك من علامات التدين ومكارم الأخلاق.
وأما محادثة الشاب للفتاة لفترة طويلة أحاديث عامة من غير حاجة شرعية فهي طريق أكيدة لحصول التعلق المحرم بينهما، لقول الله عز وجل: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30، فإذا كان مشاهدة النساء - لغير حاجة - محرما، فمن باب أولى أن يكون الحديث الجانبي - من غير حاجة - معهن كذلك.
وقد كان الواجب عليك أن تبادر إلى طلب الزواج من الفتاة إن كان قد أعجبك خلقها وجمالها، لا أن تطيل الحديث الجانبي معها فتوقعها في التعلق بك بقصد أو بغير قصد، والله عز وجل يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/21.
لذلك فالواجب عليك التوبة والاستغفار مما حصل، ثم إما أن تسعى في سبيل الزواج من تلك الفتاة، وتذلل العقبات في هذا الطريق، أو تقطع الحديث الجانبي معها بالكلية، وتعتذر إليها. فهذا هو الواجب الشرعي والأخلاقي، كما أنه سبيل علاجها من تعلقها المحرم بك، ومعلوم أن قطع الاتصال تماما سيكون قوي الأثر عليها في البداية، ولكن الأيام والليالي كفيلة بشفاء النفس وإعادتها إلى رشدها من تعلقها المحرم، والأطباء يقولون إن ستة أشهر كفيلة بتحقيق الفطام النفسي، أما الاستمرار في الحديث - بعذر عدم القدرة على قطع الاتصال تماما - فهذا يزيد المشكلة ولا يحقق العلاج. والله أعلم.