الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا يحرم على المسلم أن يسمي ابنه البكر باسم " قاسم "؛ إذ لم يرد أي نهي عن ذلك، وغاية ما هنالك أن المعتمد في مذهبنا مذهب الشافعية تحريم التكني بـ " أبي القاسم "، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي) متفق عليه.
فمن أراد أن يسمي ابنه البكر باسم " قاسم " أو " القاسم " فليختر لنفسه كنية غير " أبي القاسم "، ومعلوم أن الكنية لا يلزم أن تكون باسم الابن البكر؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كنيته " أبو حفص "، وليس له من الأبناء من اسمه حفص.
على أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "اختلف العلماء في التكنية بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب:
أحدها: مذهب الشافعي: أنه لا يحل لأحد أن يكنى بأبي القاسم، سواء كان اسمه محمدا أم غيره؛ لظاهر الحديث المذكور، وممن نقل هذا النص عن الشافعي من أصحابنا الائمة الحفاظ الثقات الاثبات المحدثون الفقهاء أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي، وأبو القاسم بن عساكر. والمذهب الثاني: مذهب مالك أنه يجوز التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي خاصا بحياة النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد، ويجوز لغيره.
وقال الرافعي في كتاب النكاح: يشبه أن يكون هذا الثالث أصح؛ لأن الناس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار، وهذا الذي قاله هذا الثالث فيه مخالفة ظاهرة للحديث. وأما إطباق الناس على فعله من أن في المتكنين به والكانين الأئمة الأعلام، وأهل الحل والعقد، والذين يقتدى بهم في أحكام الدين، ففيه تقوية لمذهب مالك، ويكونون فهموا من النهي الاختصاص بحياته صلى الله عليه وسلم، لما هو مشهور في الصحيح من سبب النهي في تكني اليهود بأبي القاسم ومناداتهم يا أبا القاسم للإيذاء، وهذا المعنى قد زال والله أعلم" انتهى.
"المجموع" (8/439-440)
ويقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "قيل: إنما يحرم على من اسمه محمد، ورجحه الإمام الرافعي. وقيل: يختص ذلك بزمنه صلى الله عليه وسلم، ورجحه المصنف - يعني الإمام النووي-، ولكن المشهور في المذهب الأول - وهو تحريم التكني بأبي القاسم مطلقا، ولو لغير من اسمه محمد، أو لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم-" انتهى. "مغني المحتاج" (1/35). والله أعلم.