الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
مناط التفريق في حد الزنى بين الجلد والرجم هو الإحصان، وليس الزواج، فالزاني المحصن حده الرجم، والزاني غير المحصن حده الجلد.
والإحصان عبارة عن مجموعة من الشروط إذا توفرت في الزاني كان عقابه الرجم، وهذه الشروط هي: البلوغ، والعقل، والحرية، والوطء في نكاح صحيح: فلو تم عقد النكاح ولم يقع الجماع لم يكن محصنا، ولو وطئ في نكاح فاسد لم يتحقق وصف الإحصان أيضا.
يقول الإمام النووي رحمه الله - في تعريف "المحصن"-: "هو مكلف، حر، ولو ذمي، غيَّب حشفته بِقُبُلٍ في نكاح صحيح، لا فاسد في الأظهر" انتهى. "منهاج الطالبين" (ص/132)
فمن انطبقت فيه هذه الشروط مرة واحدة في عمره فهو محصن، ولا يشترط لإقامة حد الرجم أن تكون شروط الإحصان حاضرة في الزاني حال زناه، بل يكفي أن يكون جامع في نكاح صحيح مرة واحدة، ولو طلَّق بعد ذلك، أو توفيت زوجته، فوصف الإحصان متحقق في مثل هذا الزاني، والدليل على ذلك حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ) رواه مسلم (رقم/1690)، فعلق الرجم بوصف الثيوبة، ووصف الثيوبة حاصل لكل من جامع في نكاح صحيح ولو طلق بعد ذلك أو توفيت امرأته. وهذا حكم متفق عليه بين العلماء. والله أعلم.