الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
قال الله عز وجل: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222
الأصل أن لا تعجل المرأة في الحكم بطهارتها من الحيض أو النفاس - وخاصة المعتادة - حتى يغلب على ظنها ذلك، بالعلامة البيضاء التي تظهر عند بعض النساء، أو بانتهاء وقت الدورة مع انقطاع الدم الانقطاع التام وجفاف محل خروجه.
وقد روى الإمام مالك في "الموطأ" (2/80) وعلقه البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: (كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ - وهو القطن الذي تضعه المرأة في محل خروج الحيض -، فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ، فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ)
فإذا حصل بين الزوجين جماع، حيث غلب على ظن الزوجة طهارتها من الحيض، ثم تبين أن الزوجة ما زالت في فترة حيضها: رجي أن لا يكون في ذلك إثم، فقد رفع عن أمتنا الخطأ والنسيان والإكراه، وفي القرآن الكريم: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "ووطء الحائض في الفرج كبيرة من العامد العالم بالتحريم المختار، يكفر مستحله كما في المجموع عن الأصحاب وغيرهم. بخلاف الجاهل والناسي والمكره، لخبر: (إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وهو حسن، رواه البيهقي وغيره" انتهى. "مغني المحتاج" (1/110).
ومن استغفر الله تعالى وتاب إليه زاده الله أجرا وفضلا. والله أعلم.