الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الرسول صلى الله عليه وسلم خير البشر، وهو أحبهم إلى الله عز وجل وأكرمهم عنده، فقال صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم) رواه مسلم.
وقد أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين، وسماه بشيراً ونذيراً، وسراجاً منيراً، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) الأحزاب/45-46.
والمؤمن لا يكتمل إيمانه إلا إذا قدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه وأهله والناس أجمعين، قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) رواه البخاري، وقال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران/31.
وإن الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم هي إساءة لرسل الله تعالى وأنبيائه جميعاً، وهي طعن في الرسالات السماوية، لأننا معشر المسلمين لا نفرق بين أحد من المرسلين، قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة/285، فكما أننا لا نقبل الإساءة لأنبياء الله جمعاً، فإننا لا نقبل الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذين أساءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرفوه حق المعرفة، وما هذا إلا بسبب جهلهم به، ولو اطلعوا على سيرته صلى الله عليه وسلم وحياته وصفاته لوجدوا فيها أنموذجا للقدوة الحسنة، والأخلاق العالية، والصفات الحميدة، والقيادة الفذة، مما يجعلهم يقفون إجلالاً واحتراماً لهذا النبي العظيم، كيف وقد زكَّاه الله تعالى في كتابه الخالد على مر العصور فقال سبحانه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم/4.
وقد تكفل الله تعالى ابتداءً بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته بما لم يعطه لأحد من قبله، فأمَّنه الله تعالى، وعصمه من أن تعتدي عليه الأيدي الآثمة بالقتل قبل أداء الرسالة، فقال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة/67، كما كشف الله تعالى لنبيه عليه السلام خطط الأعداء بمحاولة الإيقاع به صلى الله عليه وسلم، وردَّ الله سبحانه كل ادعاءات وتمويهات المبطلين حول النبي صلى الله عليه وسلم، فتارةً يخاطبهم بقوله: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) التكوير/22، وتارةً يقرعهم ويوبخهم بقوله: (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا) الإسراء/47، وقد بين الله تعالى منته وفضله على نبيه في الدفاع عنه والوقوف معه وتأييده فقال تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الحجر/95، ثم إن الله تعالى تعهد بالدفاع عن النبي صلى عليه وسلم في كل وقت وكل حين، وتوعد كل من يحاربه صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) الكوثر/3.
ولذلك فإن من الواجب على المسلم أن يسير على النهج القرآني، وأن يتحلى بأخلاق القرآن الكريم من إبراز الصورة الحسنة المشرقة الناصعة للإسلام، ولنبيه صلى الله عليه وسلم أمام العالم، والدفاع عنه، ورد الشبهات الموجهة إلى شخصه وحياته صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال تكاتف الجهود، والمشاركة الفاعلة في وسائل الإعلام المختلفة. والله تعالى أعلم.