الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ليس في الفتوى السابقة تحريم جميع أنواع المحادثات بين الرجال والنساء، بل إذا اقتضت الحاجة أن تتحدث المرأة مع الرجل، كما في معاملات البيع والشراء ونحوها: فلا مانع شرعاً، بشرط أن لا يكون في الكلام رقة وتكلف، وذلك مراعاة لقوله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) الأحزاب/32.
علماً بأن صوت المرأة ليس عورة تبطل الصلاة بظهوره، لكن الخشية مما يترتب على المحادثات الخاصة في الأمور غير المهمة من محاذير سبق ذكرها، وقد أخبَرَنَا مَن له علم بهذه المحادثات الجانبية بين الشباب والفتيات ببعض ما يترتب عليها، وهذا ما أكَّدَته تعليقات الشباب المؤيِّدِين للفتوى في المواقع التي نُشِرَت فيها، حيث نَقَلت هذه التعليقات بعضَ التعلُّق المحرم الذي أدت إليه هذه المحادثات، وإن كانت البداية حديثاً في أمور عامة.
بل إن الأخت التي سألت لو لم يكن في الأمر ريبة لما سألت، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، والمفتي مَن أفتاك بما ينجيك لا بما يرضيك، ونحن نُبَيِّنُ الحق، والله تعالى يقول: (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) القيامة/14-15. والمؤمن يجعل هواه تبعاً للحق، وغيره يريد أن يكون الحق تبعاً لهواه، وهذا هو الفساد، قال الله تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) المؤمنون/71. والله أعلم.