الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا شك أن العلاج بالقرآن الكريم وبما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرقى هو علاج نافع، وشفاء تام.
قال تعالى -عن القرآن الكريم-: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) فصلت/44.
وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. متفق عليه. وينظَر شرحه في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (12/305-306).
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:
1. أن تكون بكلام الله تعالى، أو بأسمائه أو بصفاته، أو بالأدعية والأذكار النبوية.
2. أن تكون باللسان العربي لمن يعرفه، أو بما يعرف معناه من غير العربية.
3. أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بقدرة الله تعالى، وإنما هي سبب من الأسباب.
ولا بد في العلاج -سواء من جهة المريض أو المعالج- من قوة نفسه، وصدق توجهه إلى الله تعالى، والتعوذ الصحيح الذي يتفق عليه القلب واللسان.
بناء على ما سلف، فإنه لا بأس -إن شاء الله تعالى- من التداوي بالقرآن الكريم بالخصائص التي ذكرها السائل الكريم، من نحو: القراءة بصوت مرتفع دون لمس المريضة، وعدم الخلوة بها، بل لا بد من وجود محرم لها مع الاحتشام وغض البصر، ويحسن أن يوجَّهَ المريضُ إلى قراءة سورة البقرة، أو الاستماع إليها، لما ورد في فضلها، وأن أخذها بركة، ولا تستطيعها البَطَلَة، أي: السحرة.
ولا يمنع المريض عن سوى المحرَّمات الشرعية، لكن لو ثبت أن نوعًا من الطعام أو غيره يضر بصاحب هذا المرض فنهاه عنه من باب النصيحة فلا بأس؛ لأن المضر حرام، والتحذير منه واجب.
ولو قرأ في ماء مع النفخ ليشرب منه المريض ويصب عليه الباقي، أو قرأ على زيت ليدهن به، أو كتب للمريض آيات من القرآن ليوضع الورق المكتوب عليه في ماء فيشرب منه المريض أو يغتسل منه؛ فكل هذا لا بأس به بشرط أن يحترم الورق الذي كتب عليه القرآن. فإن عافَت نفسُ المريض ما نفخ فيه المعالج فلا ينبغي إكراهه عليه. والله تعالى أعلم.