الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
أشكر سعادتكم على عنايتكم بهؤلاء الأطفال، فأنتم تقومون بفرض كفاية نيابة عن كل المجتمع.
والذي أود أن يستقر في الأذهان ما يلي:
أولاً: لا يجوز أن نفترض في أي واحد من هؤلاء الأطفال أنه نتيجة عمل خاطئ، أو ما يسميه العامة (أبناء حرام)، فظروف الناس كثيرة، ومن لا يُعرف له أب أو أم هو مواطن بريء يجب أن يُحترم، حتى لو ثبت خطأ أبويه، فإن الله تعالى يقول: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الأنعام/164.
ثانياً: كل إنسان يولد بريء الذمة، وله صفحة بيضاء عند الله تعالى، لا يسجل فيها إلا ما يعمله بعد البلوغ، وهؤلاء الأطفال هم برآء - بكل معنى الكلمة - وتجب معاملتهم بالحسنى كما يعامل كل الأطفال.
ثالثاً: من ليس له معيل معين ينفق عليه تجب نفقته على المجتمع بشكل عام، سواء قامت بذلك الدولة من مال الخزينة أو قام به أبناء المجتمع، وإذا أهملوا من النفقة فإن المجتمع كله يقع في الإثم، لذا فإن قيام جمعية أو أفراد برعايتهم هو قيام بفرض كفاية، يرفع الحرج عن المجتمع كله.
رابعاً: لا فرق بين هؤلاء الأطفال وبين بقية الأيتام من حيث ثواب الإنفاق عليهم، وثواب رعايتهم، وكلنا يحفظ الحديث الشريف: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا -وقال بإصبعيه السبابة والوسطى-). ويجوز إعطاء القائمين على رعاية هؤلاء الأطفال من أموال الزكاة والصدقات، إذ يعتبر القائمون على رعايتهم وكلاء عن المزكي والمتصدق في إيصال الزكاة إلى مستحقيها.
خامساً: هؤلاء الأطفال أمانة الله في يد القائمين على رعايتهم، ويجب أن يعلموهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، فيعلموهم الواجبات الدينية الإسلامية، ومنها الخلق الكريم، ويعلموهم ما يكسبون به رزقهم في المستقبل بحيث يُغنيهم ذلك عن الحاجة إلى الآخرين.
وإن ما يتقاضاه القائمون على رعاية الأطفال من رواتب لا ينقص أجرهم عند الله تعالى، وسوف يسألهم الله عز وجل عن هذه الأمانة، فإذا بذلوا جهدهم في رعايتهم فقد أدوا ما عليهم. والله أعلم. متمنياً لكم التوفيق، وللأطفال جميعاً السعادة والسلامة في الدنيا والآخرة.