الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يحرم على الحائض والنفساء والجنب المكوث في المسجد عند المذاهب الأربعة، وذلك لصريح قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) النساء/43
فقوله عز وجل: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) فسره ابن عباس وعامة الصحابة بقولهم: أي: لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل تمر به مرا ولا تجلس.
وقد نقل ذلك الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/311) ثم قال: "من هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب اللبث في المسجد، ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضًا في معناه؛ إلا أن بعضهم قال: يمنع مرورهما لاحتمال التلويث. ومنهم من قال: إن أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور جاز لهما المرور وإلا فلا. وقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخُمْرة [وهي السجادة الصغيرة التي يسجد عليها المصلي] من المسجد. فقلت: إني حائض. فقال: إن حيضتك ليست في يدك) ففيه دلالة على جواز مرور الحائض في المسجد، والنفساء في معناها" انتهى باختصار.
كما استدل بعض أهل العلم بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لاَ أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلاَ جُنُبٍ) رواه أبو داود (رقم/232) وصححه ابن الملقن وجماعة.
فمن مكثت في المسجد وهي حائض وقعت في المعصية، وعليها أن تتوب منها وتستغفر الله تعالى، وأما العمرة فصحيحة ولا تفسد بهذا العمل. والله أعلم.