الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
قول الزوجة لزوجها ( تحرم علي )، أو ( أنت علي حرام ): لغو لا عبرة به؛ فالحلال ما أحل الله، والحرام ما حرم الله، ولا يملك البشر تغيير أحكام الله تعالى، ولا يلزم الزوجة أي كفارة على ذلك، وإن كان ينبغي تجنب مثل هذه الألفاظ في المستقبل، فالأصل في المسلم البعد عن اللغو، كما قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) المؤمنون/3.
وأما إذا قال الزوج لزوجته هذه العبارة، ولم يقصد بها الطلاق ولا الظهار، وإنما قصد تحريم جماعها على نفسه، فيلزمه كفارة مثل كفارة اليمين؛ وذلك لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) التحريم/1-2. وقد نزلت هذه الآية حين حرم النبي صلى الله عليه وسلم مارية على نفسه، كما روى ذلك النسائي رحمه الله (رقم/3959) عَنْ أَنَسٍ بن مالك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
والفرق بين قول الزوج لزوجته هذه الكلمة، ومخاطبة الزوجة لزوجها بها، أن الزوج يملك تحريم زوجته على نفسه بطلاقه لها، فصار كلامه كاليمين الذي يتوعد به زوجته، فأمر بالكفارة، وأما الزوجة فهي لا تملك طلاق زوجها، فلا تلزمها الكفارة. والله أعلم.