الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة على أن الرضاع بعد الحولين لا تثبت به حرمة النكاح، وذلك لقول الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وبعد تمام الرضاعة لا يعتبر شرب لبن المرأة رضاعًا تثبت به المحرمية، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ) رواه الترمذي (رقم/1072) وقال : هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئا.
وأما الحديث الذي ذُكر عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت تفتي بأن رضاع الكبير يثبت الحرمة بناء على ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة زوجة أبي حذيفة بن عتبة بأن ترضع سالمًا مولى زوجها ليحرم عليها - فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والفقهاء من بعدهم رأوا بأن هذا خاص بسالم، نظرًا لظرف عائلي جاء في القصة، وهو أن سالمًا كان يعد ولدًا لهذه الأسرة، ثم نسخ حكم التبني. والله أعلم.