الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
خروج المني يوجب الغسل وإن كان الخارج يسيرا، فالأحاديث التي جاءت بالأمر بالاغتسال منه أحاديث مطلقة، لم تقيَّد بالكثير من المني، كحديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ) متفق عليه.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "أجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المني, ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع، أو احتلام, أو استمناء، أو نظر، أو بغير سبب، سواء خرج بشهوة أو غيرها، وسواء تلذذ بخروجه أم لا، وسواء خرج كثيرا أو يسيرا، ولو بعض قطرة، وسواء خرج في النوم أو اليقظة، من الرجل والمرأة، العاقل والمجنون، فكل ذلك يوجب الغسل عندنا، وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يجب إلا إذا خرج بشهوة ودفق. دليلنا الأحاديث الصحيحة المطلقة " انتهى باختصار. [المجموع2 /158].
وقد راجعنا بعض كتب المذهب الحنفي، مثل [رد المحتار 1 /160-161]. فلم نجد فيه تقييد المني الموجب للغسل بالمني الكثير، ولعله التبست فتوى الحنفية بالعفو عن يسير النجاسة التي قدرها لا يزيد على قدر الدرهم، وهذا لا يعني أن الحنفية لا يوجبون الاغتسال من خروج المني، وإنما لا يوجبون غسل المني نفسه من الثوب إذا كان أقل من قدر الدرهم. والله أعلم.