الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
الفقه ليس في أزمة؛ فمصادره ما زالت حية غنية، وعلماؤه ما زالوا يعملون ويجتهدون لحل المشاكل المتجددة، وهم قادرون على ذلك بفضل الله عز وجل، لكن هذه مقولة يرددها الجاهلون بالفقه الإسلامي، والإنسان عدو لما جهل، ويرددها من يريد صرف المسلمين عن شريعة الله تعالى بحجة أن الفقه لا يواكب متغيرات العصر، ويريدون تطبيق القوانين المستوردة من بلاد غير المسلمين، كما يرددها الذين عجزوا عن تطويع المجتمع للدين، فقاموا يطوعون الشريعة للمجتمع.
والمشكلة أن البعض يريد أن تكون الأحكام الشرعية موافقة لهواه ومزاجه أو مزاج جماعته، وإلا قال: (إن الفقه جامد)! وهذا غلط، فالمطلوب أن نكيف أنفسنا وسلوكنا وفق ما يريده الشرع الشريف، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) رواه البغوي في "شرح السنة" (1/212) وحسنه النووي وابن حجر.
ونحن نجد الإنسان ينتقل من مجتمع إلى آخر فيُكَيِّفُ نفسَه وسلوكه وفق المجتمع الجديد، ونحن علينا أن نكيف أنفسنا وفق المنهاج الإسلامي النظيف الراقي الذي أراده الله تعالى لنا.
وأوضح دليل على حيوية الفقه الإسلامي أن القانون المدني في بلدنا أخذ من مجموع الفقه الإسلامي في عام (1970م) من خلال لجنة من العلماء، وأن الأردن وغيره من بعض البلدان العربية تطبقه إلى اليوم.
ثم إن المجامع الفقهية الإسلامية في عدة أقطار من بلاد المسلمين تقدم الحلول لكل ما يعترض المجتمع، لكن كما قال الإمام علي رضي الله عنه: لا رأي لمن لا يطاع.
ومن ظن عجز الإسلام عن حل المشاكل فقد كفر؛ لأن الله أراده دينا للناس في كل شؤونهم إلى قيام الساعة. والله تعالى أعلم.