الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية، وأولى من يقوم بها من يرى المنكر بنفسه في أهله وأقاربه وجيرانه، فهو أقرب إلى قلوبهم، وأدرى بما يقنعهم.
غير أن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروطا وضوابط يفصلها العلماء مستدلين عليها بالأدلة الشرعية، ومن هذه الشروط:
1- أن يكون ذلك بحسب القدرة والاستطاعة، ودليله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم، فمن بذل وسعه في النصيحة ولم تتحقق الاستجابة فالحرج عنه مرفوع.
2- أن لا يترتب على ذلك مفسدة أعظم، كأن يعلم أنه بنهيه أحد الناس عن مشاهدة المحرمات أنه سيزيد إلى ذلك الوقوع في الكفر أو بعض الكبائر، ودليل هذا الشرط معلوم في عشرات النصوص الواردة في الكتاب والسنة، منها قوله تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/108.
ونحن نثني على حرصك على أهلك، وتحرقك للوقوع في المنكرات، غير أننا نوصيك برعاية الشرطين السابقين، والالتفات إلى وسيلة تكون أكثر فائدة، وأكبر تأثيرا، ولا تيأس خلال ذلك، بل استمر في النصح والتوجيه ولو تعرضت للأذى، فقد قال فقهاؤنا إنه "لا يشترط أن يكون - الآمر بالمعروف أو الناهي عن المنكر - مسموع القول, بل على المكلف أن يأمر وينهى , وإن علم بالعادة أنه لا يفيد (فإن الذكرى تنفع المؤمنين)" كما في "مغني المحتاج" (6/11). والله أعلم.