الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجوز البحث عن رفات الميت إذا خشي أن يتعرض قبره للتجريف والضياع، وذلك حفاظًا على حرمته وكرامته التي أمرت الشريعة الإسلامية برعايتها، وخاصة شهيد المعركة والجهاد في سبيل الله.
ولكن ذلك مشروط بضمان عدم تأذي جثته أو عظامه أثناء عملية البحث، إذ لا يجوز تعريض رفاته لشيء من الأذى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) يعني في الإثم. رواه أبو داود.
فإذا وُجدت عظامه جُمعت ودفنت في مكانها مرة أخرى، وأحيطت بما يعرف من خلاله أنه قبر لواحد من الشهداء المسلمين، كي لا يعتدي أحد عليه متعمدًا أو جاهلاً بحرمته، فقد نقل سيدنا جابر بن عبد الله والده الذي استشهد في أحد لما خشي عليه من سيل الماء.
روى الإمام مالك في " الموطأ " (3/669) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا، وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ، وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَهُمَا مِمَّنْ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا، فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ فَدُفِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ، وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَبَيْنَ يَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً.
والله تعالى أعلم.