الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الذّكر والدّعاء من أعظم العبادات والقُرُبات، وبفضلهما شهدت النصوص الكثيرة من كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي غير خافية على أحد.
وقد ذهب العلماء إلى جواز الدعاء بالأدعية المأثورة بلا خلاف، وأجاز فقهاء السادة الشافعية الدعاء بغير المأثور، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "قال الشافعي والأصحاب: وله أن يدعو بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، ولكن أمور الآخرة أفضل، وله الدعاء بالدعوات المأثورة في هذا الموطن [يعني في الصلاة]، والمأثورة في غيره، وله أن يدعو بغير المأثور، ومما يريده من أمور الآخرة والدنيا" [المجموع شرح المهذب 3 /469]، وروي عن نافعٍ عن عبد الله بنِ عمر: (أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ)، قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ. رواه أبو داود.
فلا يتعيَّن على المسلم الدعاء بصيغة محددة بحيث لا يصح غيرها، بل يجوز له الدعاء بأي صيغة، وله أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة؛ لقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، وقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
والدعاء المذكور فيه افتتاح الدعاء بالثناء على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وتلاوة الفاتحة، وفيه ذكر أسماء الأنبياء والصالحين الذين تتنزل الرحمات عند ذكرهم، ولا محذور في كل ذلك.
وعليه؛ فلا حرج في الدعاء المذكور إذ لا محذور فيه، والمهم في كلّ حالٍ حضور القلب والإخلاص، والانكسار، والتضرع، وإحسان الظن بالله تعالى. والله تعالى أعلم.