الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الزّكاة ركن من أركان الإسلام، وفرض من فروضه، وعبادة من أجلِّ العبادات، وهي شقيقة الصلاة؛ لقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وتجب زكاة المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول؛ لأنه مال تحققت فيه شروط الزكاة، فيزكى كل سنة قمرية.
والزكاة تجب في كل مال مملوك على صاحبه، سواء علم بملكه، أم لم يعلم كالحالة الواردة في السؤال، فعليه إخراج الزكاة عما مضى من السنين ولا يعفيه من الزكاة عدم علمه؛ لأن الزكاة حق تعلق بالمال فوجب إخراجه؛ ولأن ملكه لهذا المال لم ينقطع طوال السنوات الماضية، قال الإمام الخطيب الشربيني رحمه الله: "وتجب [أي: الزكاة] في المغصوب إذا لم يقدر على نزعه، ومثله المسروق، وأهمله المصنف [أي: النووي] مع ذكر "المحرَّر" له؛ لأن حد الغصب منطبق عليه، والضال والواقع في بحر وما دفنه ثم نسي مكانه، والمجحود من عين أو دين الذي لا بينة له به ولا علم القاضي به، في الأظهر الجديد، وبه قطع بعضهم لملك النصاب وتمام الحول... ولا يجب دفعها حتى يعود المغصوب وغيره مما تقدم؛ لعدم التمكن قبله، فإذا عاد زكاه للأحوال [أي: الأعوام] الماضية... فإن كان نصاباً فقط وليس عنده من جنسه ما يعوض قدر الواجب لم تجب زكاة ما زاد على الحول الأول" [مغني المحتاج 2/ 123].
وذهب السادة المالكية إلى أنه لا زكاة على هذا المال الموروث لما مضى من سنين قبل قبضه، فإذا قبضه استأنف حولاً جديداً، جاء في [الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي 1/ 457] من كتب السادة المالكية: "ولا زكاة في عين فقط ورثت وأقامت أعواماً إن لم يعلم بها... والحاصل أن كلام المدونة يقتضي أنه لا زكاة في تلك العين إلا إذا قبضت، فإذا قبضت استقبل بها حولاً، ولا زكاة لما مضى من الأعوام".
وعليه؛ فعلى الورثة زكاة الأسهم والمال وما نتج عنه من أرباح لما مضى من السنين عند قبضه عند السادة الشافعية، وهذا أحوط وأبرأ للذمة، ومن أخذ بقول المالكية بأنه لا زكاة على مضى من سنين قبل قبض المال ويستأنف حولاً جديداً عند قبضه فنرجو الله له القبول، مع التنبيه على أن أرباح الفترة كلها يجب التصدق بها إن كان المصرف ربوياً، مع وجوب التخلص من هذه الأسهم، وأما إن كان المصرف يعمل وفق الشريعة الإسلامية فلا حرج في تملك الأرباح مع وجوب الزكاة فيها على ما بيناه. والله تعالى أعلم.