الموضوع : حكم الامتناع عن العلاج وأخذ اللقاح

رقم الفتوى : 3664

التاريخ : 08-12-2021

السؤال :

ما حكم الامتناع عن أخذ لقاح الكورونا للأشخاص الذين ليس لديهم أي عارض صحي يمنعهم من أخذه؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

لقد أباح الشرع التداوي والتطبّب وحثّ عليه، وقد أدرج الفقهاء تعلّم الطبّ والتخصص في علومه ضمن فروض الكفاية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ) رواه أبو داود.

والمسلم يحرص دائماً على الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، وكلُّ ما ثبت أنّ الله تعالى جعل فيه نفعاً في إزالة المرض أو الوقاية منه وتقليل انتشاره فإنه يحرص عليه، وذلك كتناول اللقاحات التي تمنع الأمراض أو تخففها، وذلك ليتقوى على أداء ما عليه من حقوق لله تعالى وحقوق للعباد، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ) رواه مسلم.

وقد يجب على المسلم أن يتناول الدواء إذا غلب على ظنه تحقّق الهلاك إن لم يتناوله، وذلك بإخبار الطبيب العدل الثقة والجهات المتخصصة في هذا الشأن، لأنها هي التي تتوافر فيها الخبرة والكفاءة اللازمة لتحديد الشؤون المختصة بالأمور الطبية والفصل فيها، وهذا أمر مقرّر في الشريعة الإسلامية، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا طَبِيبٍ تَطَبَّبَ عَلَى قَوْمٍ، لَا يُعْرَفُ لَهُ تَطَبُّبٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَعْنَتَ فَهُوَ ضَامِنٌ) رواه أبو داود.

كما يسنّ للمريض التداوي، فالله عز وجلّ جعل التداوي سبباً للعلاج والشفاء، جاء في [مغني المحتاج للشربيني رحمه الله 2/ 45]: "يسنّ للمريض التداوي؛ لخبر: (إن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير الهرم) قال الترمذي: حسن صحيح، وروى ابن حبان والحاكم عن ابن مسعود: (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء، جهله من جهله وعلمه من علمه"، وفي [شرح المقدمة الحضرمية 1/ 445]: "يسنّ التداوي مع الاعتماد على الله تعالى، والرضا عنه؛ للأمر به، ولجمعه بين فضيلتي: التوكل وتعاطي السبب الذي خلقه الله؛ للتداوي به".

وأيضاً؛ فإنه ينبغي الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تمنع نشر العدوى وانتقالها للآخرين؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رواه ابن ماجه، ولأنّ في هذه الإجراءات إحياءً للنفس البشرية التي أمر الإسلام بحفظها وعدّها من الضرورات الخمس التي  يجب صيانتها عن الأذى، قال الله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32]، ومن هذه الإجراءات المحافظة على التباعد، وتقليل التواصل الجسدي، والتخفيف من مشاركة الأدوات والأغراض مع الآخرين؛ لأنّ في ذلك وقايةً من انتشار الوباء، ومحافظةً على حياتهم، وحرصاً على صحتهم، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه وفد ثقيف يريد مبايعته وكان فيهم رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ) رواه مسلم. والله تعالى أعلم.