الموضوع : المحافظة على المياه وترشيد استهلاكها واجب شرعي ومسؤولية جماعية

رقم الفتوى : 3663

التاريخ : 06-12-2021

السؤال :

ما الواجب المترتب على المواطن والمتعلق بترشيد استهلاك المياه الجوفية والمحافظة عليها، وهل يأثم من يفرط في ذلك؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

حث الإسلام على الحفاظ على الماء وتخزينه وحسن استغلاله، وحرَّم هدره وإفساده والتفريط فيه أياً كان مصدره ومنبعه، سواء في البحار أو الأنهار أو الآبار الجوفية أو حتى في المنازل قليلاً كان أو كثيراً؛ لأنه نعمة كبرى تتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها، فالماء من أكثر النعم انتشاراً على سطح الأرض، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء:30].

ولأهمية ترشيد المياه في الحياة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف فيه، ولو كان للعبادة كالوضوء أو الغسل، فقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم على سعدٍ وهو يتوضأ، ورآه عليه الصلاة والسلام قد أسرف في الوضوء، فقال عليه الصلاة والسلام: (مَا هَذا السَّرَف) ؟! فقَالَ: يا رسُول الله، أفي الوضوءِ إسرافٌ؟! فقال: (نَعَمْ، ولو كنتَ على نهرٍ جارٍ) رواه ابن ماجه.

والمحافظة على المياه وترشيد استهلاكها واجب شرعي ومسؤولية جماعية لكل فرد ومسؤول، لا سيما في ظل شح الموارد المائية في بلادنا، ولهذا كان لا بد من الوقوف بحزم وصرامة في وجه الاعتداءات على المياه أياً كانت وبأي شكل، وكان الوزر على كل من يتهاون في ذلك، أو يعين على هذه الاعتداءات.

ومن وجوه الاعتداء على المياه الجوفية حفر الآبار لاستخراج المياه بشكل غير قانوني وهذا يعد عملاً ضاراً بالمجتمع؛ فقد أوضح الخبراء أن أكبر نسبة هدر للمياه في الأردن من خلال الحفر غير القانوني للمياه، وأن هذه الآبار تؤثر بشكل مباشر على توازن المياه الجوفية والمخزون المائي في البلد، ولذلك قامت القوانين والأنظمة بمنع حفر الآبار المائية دون ترخيص رسمي؛ لتنظيم هذا القطاع الحيوي وللمحافظة على عصب الحياة.

كما يعتبر حفر الآبار بشكل غير قانوني من الاعتداء على الأموال العامة، ولا يخفى أن الاعتداء على الأموال العامة من أشد المحرمات؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ رِجَالا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه البخاري، فيحرم حفر آبار لاستخراج المياه دون الحصول على ترخيص قانوني؛ حفاظاً على ثروات البلاد، ومنعاً من الإضرار بالعباد.

وعليه؛ فإن مسؤولية المحافظة على المياه الجوفية عامة لكل من يستطيع أن يساهم في ذلك، وهذه المياه من الحق المشترك بين الناس ليس فقط الموجودين الآن، بل الأمر يتعدى لأجيال قادمة؛ فهي الأمن المائي للبلاد بأسرها فيحرم الاعتداء عليها، وتشتد الحرمة إذا ترتب على سوء استعمالها إخلال في المنظومة المائية. والله تعالى أعلم.