الموضوع : حكم بيع الرواتب التقاعدية

رقم الفتوى : 3650

التاريخ : 12-10-2021

السؤال :

ما حكم بيع الرواتب التقاعدية؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الأصل أنّ الراتب التقاعدي هو نوع من المساعدة تقدمها الدّولة للموظف أو المنتفعين منه فقط بعد نهاية خدمته، وقد يكون الراتب من باب التكافل بين المشتركين كما في الضمان الاجتماعي، ولذا لا يملك المتقاعد هذا الراتب إلا بعد صرفه له، ولذا لا يجوز بيعه سواء بمبلغ معين أو بسلعة معينة، كسيارة ونحوه؛ وذلك لحصول الربا في حال بيعه بمبلغ معين؛ لأنه بيع مال آجل وهو (الراتب التقاعدي) بمال عاجل وهو (المبلغ المدفوع مسبقاً)، وشرط مبادلة المال بالمال التقابض، والتساوي بين البدلين في حال المماثلة بالجنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم.

وقال الإمام النووي رحمه الله: "أجمع العلماء على تحريم بيع الذهب بالذهب أو بالفضة مؤجلاً، وكذلك كل شيئين اشتركا في علة الربا" [شرح النووي على مسلم 11/ 10]. 

وأما المنع في حال مبادلة الراتب التقاعدي بسلعة معينة فذلك للجهالة المفضية إلى النزاع، فقد لا يستوفي المشتري من الرواتب التقاعدية ما يعادل قيمة ما باع، فهذه الرواتب عرضة للإيقاف في بعض الحالات، كوفاة المتقاعد، وقد ينقص مقدار الراتب كذلك، فالمبيع هنا -الراتب- مجهول جهالة فاحشة، لا يعرف مقداره وقيمته الكاملة على مدى السنوات المقبلة، وشرط المبيع في الشريعة الإسلامية أن يكون معلوماً علماً تاماً تنتفي به الجهالة، وذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، كما أن في هذه المعاملة مقامرة؛ لأن المشتري قد يحصل على مقدار ما دفعه أو أقل أو أكثر، والقمار منهي عنه بنصّ القرآن الكريم.

جاء في كتاب [عمدة السالك وعدة الناسك/ ص151] من كتب الشافعية: "للمبيع شروط خمسة: "أن يكون طاهراً، منتفعاً به، مقدوراً على تسليمه، مملوكاً للعاقد، أو لمن ناب العاقد عنه، معلوماً".

ولذا لا يصحّ شرعاً بيع الراتب التقاعدي، لمخالفته لشروط البيع المعتبرة شرعاً، كما أن فيه مخالفة للأنظمة والتعليمات التي تمنع هذه المعاملة، فالغاية من صرف الراتب التقاعدي رعاية حقوق المتقاعد وأسرته. والله تعالى أعلم.