الموضوع : إرسال السلام إلى النبي عليه الصلاة والسلام أمر مندوب

رقم الفتوى : 3480

التاريخ : 21-03-2019

السؤال :

ما حكم إرسال السّلام لسيدنا النبيّ عليه الصلاة والسلام وإهدائه التحية مع من يذهب لزيارة الحرم النبوي أو أداء مناسك الحج والعمرة؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الصّلاة والسّلام على سيدنا النبيّ صلى الله عليه وسلم من أجلِّ المندوبات التي يحرص عليها المسلم المتمسك بدينه، وقد أمرنا الله عز وجل في كتابه الكريم بها، حيث قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} الأحزاب/56، وقد تضافرت النصوص في بيان فضل الصلاة والسلام على النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا) رواه مسلم.

وكيفية السّلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا تنحصر في كيفية أو صورة أو لفظ، بل لكل مقام مقال، فمن التقاه بالجسد فله حال يناسب ذلك، ومن زار روضته وصلى بجواره عليه الصلاة والسلام فله حال آخر، وكل واحد من المسلمين يحمل بين جوانحه حباً للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد عرف الصحابة حقيقة الحب للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا). قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). رواه البخاري.

وأمّا من اشتاق لسيدنا النبيّ صلى الله عليه وسلم واشتدّ حبه له، وتذكر صفاته الإنسانية الجميلة، وأخلاقه العالية النبيلة، فله أن يرسل السلام مع من يزور النبيّ عليه الصلاة والسلام أو يجاوره، وهذا ما أفتى به علماؤنا الصالحون من أهل المذاهب المعتبرة، جاء في [المجموع للنووي 8/ 274]: "وإن كان قد أوصي بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم، قال: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان، وفلان ابن فلان، يسلم عليك يا رسول الله، أو نحو هذه العبارة"، وقال الموصلي الحنفي رحمه الله: "ويبلغه سلام من أوصاه، فيقول: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان، يستشفع بك إلى ربك، فاشفع له ولجميع المسلمين، ثم يقف عند وجهه مستدبر القبلة، ويصلي عليه ما شاء" [الاختيار لتعليل المختار 1/ 176].

وقد ذهب العلماء إلى أن إبلاغ السلام إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم واجب على من تحمّل هذه الأمانة، من باب الوفاء بالأمانات، جاء في [شرح الزرقاني على المواهب اللدنية 12/ 201]: "فإن أوصاه أحد بإبلاغ السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن قال الموصي: قل: السلام عليك من فلان، أو سلم لي عليه صلى الله عليه وسلم، وتحمل ذلك، ورضي به، وجب عليه إبلاغه؛ لأنه أمانة يجب أداؤها، فليقل: السلام عليك يا رسول الله من فلان"، وجاء في[ مطالب أولي النهى 2/  442]: "وإذا أوصاه أحد بالسلام، فليقل: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان، ويبلغه وجوباً إن تحمله ليخرج من عهدته".

هذا؛ وإن من أدرك الكمالات النبوية الشريفة، واطلع على شيء من محاسن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحكمة والرحمة، والحلم والقوة، وشدة الحرص على هداية الخلق، وكثرة الاتساع في العبادة والزهد والعلم والتعليم لم يملك إلا أن يسلم عليه بمجامع قلبه وكلّ فؤاده، جاء في [البردة للبوصيري] مادحاً سيدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام:

فهو الّذي تمّ معناه وصورت          ثمّ اصطفاه حبيباً بارئ النّسم

وعليه؛ فإن إرسال السلام إلى المصطفى عليه الصلاة والسلام من الأمور المندوبة، وتبليغ السلام واجب على من تحمل هذه الأمانة القلبية العظيمة. والله تعالى أعلم.