الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
الأصل في كفارة اليمين هو ما أمر به سبحانه وتعالى حين قال: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/89.
ومقدار الطعام الواجب لكل مسكين في مذهب الشافعية: مُدٌّ من غالب قوت أهل البلد، ودليل تحديده بالمد حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع للرجل مكتلا فيه خمسة عشر صاعا كي يدفعها كفارة لجماعه في نهار رمضان، ويطعم بها ستين مسكينا، والحديث أصله في الصحيحين، وله روايات كثيرة يمكن مراجعتها في " فتح الباري " (4/169)، وهو وإن كان تعلقه بكفارة الجماع في نهار رمضان، إلا أن غيرها من الكفارات ككفارة اليمين تقاس عليها.
يقول ابن دقيق العيد رحمه الله: " أخذ من ذلك أن إطعام كل مسكين مد؛ لأن الصاع أربعة أمداد، وقد صرفت هذه الخمسة العشر صاعا إلى ستين مدا، وقسمة خمسة عشر إلى ستين بربع، فلكل مسكين ربع صاع، وهو مد " انتهى. " إحكام الأحكام " (1/274)
والمد كيل يقدره الفقهاء وزنا بنحو (600غرام).
وفي مذهب السادة الحنفية يجوز إخراج قيمة الطعام وإعطاؤها للفقراء والمساكين، وهذا أيسر على الناس في زماننا، ولذا نفتي به، وعند الشافعية ومن وافقهم لا بد من إخراج الطعام.
ونحن في دائرة الإفتاء نقدر قيمة إطعام المسكين الواحد في الوقت الحاضر بستين قرشاً إلى دينار، ومن زاد زاد الله في حسناته. والله تعالى أعلم.