الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول اللهمصارف الزكاة بينها الله سبحانه وتعالى بقوله عز وجل: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60. والعاملون عليها: هم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جباية الزكاة وتوزيعها، ولم يُخصِّص لهم راتبًا من الدولة. وهؤلاء ليس لهم أن يأخذوا من الزكاة إلا أجرة مثل عملهم بإذن ولي الأمر، ولا يجوز لهم غير ذلك.
والجمعيات الخيرية وكيلة عن المتبرعين، تضع تبرعاتهم في المصارف بحسب شروطهم، وليسوا من العاملين عليها؛ فليس لهم أن يأخذوا من أموال الزكاة شيئًا؛ لأنهم متبرعون. قال الإمام النووي رحمه الله: "قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إن كان مُفرِّق الزكاة هو المالك أو وكيله سقط نصيب العامل، ووجب صرفها إلى الأصناف السبعة الباقين إن وُجدوا، وإلا فالموجود منهم" "المجموع" (6/ 185).وإذا لم يشترطوا مصرفًا معينًا فإنها كناظر الوقف والوصي وولي اليتيم؛ يتصرفون بمقتضى المصلحة؛ فلا يدفعون مبلغًا إلا لداعٍ أو لحاجة. قال الإمام الشربيني رحمه الله: "ولا يتصرف الناظر إلا على وجه النظر والاحتياط؛ لأنه ينظر في مصالح الغير فأشبه ولي اليتيم" "مغني المحتاج" (10/ 180).
وعليه؛ فلا يجوز للمدير أن يأخذ نسبة مما يقوم بجمعه؛ لأن هذه الأموال مُتبرَّع بها لأعمال الخير، أما أن يأخذ راتبًا مقطوعًا حسب ما تسمح به أنظمة الجمعيات الخيرية من غير أموال الزكاة؛ فلا بأس به.ولا يجوز كذلك للجمعيات الخيرية أن تأخذ من أموال الزكاة مطلقًا؛ لا للرواتب، ولا لأي مصرف آخر؛ كبناء الجمعية أو مصاريف الشاي والقهوة أو نحو ذلك، وما تم أخذه يجب ضمانه وردُّه إلى مصارفه الشرعية، ولهم أن يأخذوا من أموال التبرعات غير الزكاة بالمعروف، وبشرط إذن المتبرعين.
وأما الإنفاق على شراء الطعام لمن يتوفى من أقارب المسؤولين فهذا لا يجوز، وهو أكل لأموال الناس بالباطل، ويجب ردُّه كذلك.
والواجب أن يتصرف القائمون على الجمعية بالأصلح للمتبرعين وللفقراء والمحتاجين، وأن يتقوا الله تعالى فيما ولّاهم الله تعالى عليه؛ فإنهم مسؤولون عن جمع هذه الأموال وعن إنفاقها. قال الله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤولُونَ) الصافات/24. والله تعالى أعلم.