الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول اللهلا يجوز دفع أموال الزكاة لإنشاء صندوق يُقدِّم القروض للتعليم وغيره؛ لأن مصارف الزكاة محددة في الشرع، ومحصورة في الأصناف الثمانية التي بينها الله عز وجل في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60، ولـما رواه أبو داود أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعطني من الصدقة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَعالَى لَم يَرضَ بِحُكمِ نَبِيٍّ وَلا غَيرِهِ فِي الصَّدَقاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأها ثَمَانِيةَ أَجزاءٍ، فإن كُنتَ مِن تِلكَ الأجزَاءِ أعطَيتُكَ حَقَّكَ).
وإنشاء مثل هذا الصندوق يحتوي عدة محاذير، فحقُّ الفقيرِ تملُّكُ الزكاةِ؛ لأن اللام في الآية الكريمة للتمليك، وجَعْلُ الزكاة على شكل قرض يُخرجها عن حقيقة التملك.والزكاة أيضًا تجب على الفور، ولا يجوز تأخيرها؛ كما جاء في "مغني المحتاج" (2/ 129): "تجب الزكاة على الفور؛ لأن حاجة المستحقين إليها ناجزة". وجَعْلُها قرضًا يؤدي إلى حبسها وتأخيرها في غير حاجة.
وحبذا الإبقاء على فكرة هذا الصندوق، مع تنفيذها من أموال الصدقة والتبرعات من أبناء العائلة دون أموال الزكاة؛ فصناديق التكافل تقوم على التبرع والإحسان، فإنْ قَصَدَ المشتركون فيها وجه الله تعالى، والتزموا بالضوابط الشرعية؛ فإنهم يُثابون عليها.
وجَمْعُ الصدقات من العائلات وتوزيعها على فقرائهم أولى؛ لأنه صدقة وصلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصَّدَقةُ عَلَى المِسكِينِ صَدَقةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنتانِ: صَدَقةٌ وَصِلةٌ) رواه الترمذي. والله أعلم.