الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
صَعْقُ الحيوانات بالكهرباء قبل ذبحها إن كان مُزهقًا للروح أو يوصل الحيوان إلى حالة تُشبه حالة المذبوح لا يُحلُّها، بل يجعلها في حكم الميتة. وقَطْعُ المريء والحلقوم والأوداج في الحيوان بعد ذلك لا يُسمى ذكاة شرعية؛ لأن الذكاة هي التي يحل بها أكل الحيوان، والحيوان الميت لا تلحقه الذكاة.
وأما إن كان الصعق الكهربائي يُفقد الحيوانَ الوعيَ فقط مع بقاء حياته، بحيث يُمكن أن يصحو بعد فترة؛ فذبحه وهو في هذه الحالة يُعَدُّ ذكاة شرعية، ويفعل الجزارون ذلك رحمة بالحيوان عند ذبحه، ولتسهيل هذه العملية. فإذا كان الصعق لا يُميت الحيوان جاز أكلُ ما ذُبح بهذه الطريقة.
وننصح الجزارين بأن يتقوا الله تعالى، وأن يتلطفوا بالمواشي قبل ذبحها, ليسيطروا عليها دون إيلام بقدر الاستطاعة، وأن يكون السكين حادًّا ليقطع المريء، والقصبة الهوائية، والعروق المحيطة بالعنق بالسرعة الممكنة؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن اللهَ كتبَ الإحسانَ على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته) رواه مسلم.
كما نوصي القائمين على الذبح بالتسمية عند كل ذبيحة، فهي إحدى السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل قال بعض العلماء بوجوبها، ولكن المعتمد في مذهب الشافعية أنها سنة مستحبة، ينبغي الحرص عليها، وتركُها لا يحرِّم الذبيحة، فاسم الله تعالى في قلب كل مسلم، ولم يرد في الكتاب والسنة دليل على تحريم أكل متروك التسمية، بل قال أئمتنا -في قوله تعالى: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) المائدة/3-: إنه "أباح المذكَّى ولم يذكر التسمية".
وأما قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الأنعام/121؛ فقد فسَّر كثيرٌ من المفسرين الآية بأن المقصود بها: "ما ذُبح لغير الله تعالى" ينظر: تفسير الطبري (12/ 83). والله أعلم.