الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا حرج في استعمال مشيمة جنين الحيوان المأكول لحمه؛ كالماعز والفرس، وذلك في الأغراض الطبية والتجميلية وغيرها من الاستعمالات المباحة، بشرط أن تكون المشيمةُ لِجنين ذُكِّيَتْ أمُّه؛ لأنها جزء من حيوان طاهر مأكول، فيجوز الانتفاع بها وأكلها إذا كانت خالية من الدم.
كما يجوز ذلك في مذهب المالكية إذا أُخذتْ من حيوان حلال حال حياته. قال الشيخ الحطاب المالكي رحمه الله تعالى: "وأما المشيمة... وهي وقاء المولود؛ فقد حكم ابن رشد بطهارتها وأنها كلحم الناقة المذكاة" "مواهب الجليل" (1/ 289). وقال الإمام الدسوقي المالكي رحمه الله تعالى: "وفي المشيمة -وهي وعاؤه- ثلاثة أقوال: ثالثها أنها تَبَعٌ للولد إن أكل الولد أكلت، وإلا فلا" "حاشية الدسوقي" (6/ 327).
وإذا كانت طاهرة وجاز الانتفاع بها؛ جاز استعمالها للتداوي بها داخل الجسم وخارجه، وجاز بيعها والتجارة بها وبما تدخل في تصنيعه.
وأما إذا أُخذت المشيمة من مأكول غير مذكى، أو من غير مأكول اللحم؛ فهي ميتة نجسة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (مَا قُطِعَ مِنَ البَهِيمةِ وَهِيَ حَيَّةٌ؛ فَهِيَ مَيْتَةٌ) رواه الإمام أحمد. قال الشيخ زكريا الأنصاري: "الجزء المبان من حي، ومشيمته... كميتة ذلك الحي طهارة، ونجاسة... فاليد من الآدمي طاهرة، ومن البقر نجسة" "أسنى المطالب" (1/ 11).
وإذا كانت نجسة جاز استعمالها في الأغراض الطبية دون التجميلية، إذا لم يجد غيرها مما يقوم مقامها للضرورة، قال الشرواني رحمه الله: "التداوي بالنجس جائز عند فقد الطاهر الذي يقوم مقامه" "حواشي الشرواني على التحفة" (1/ 296). وسواء في ذلك الاستعمال الداخلي والخارجي.
ويدل على الجواز للضرورة "أمْرُ النبي صلى الله عليه وسلم العرنيين أن يكونوا في الإبل، ويشربوا من ألبانها وأبوالها" متفق عليه. قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "هذا على الضرورة، كما أُجيز على الضرورة أكْلُ الميتة، وحكم الضرورات مخالف لغيره" "السنن الكبرى" للبيهقي (2/ 579). والله أعلم.