الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إرسال بعثات إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة هو إجارة ذمة؛ لأن المنفعة المعقود عليها -وهي حمله إلى الديار المقدسة- متعلِّقة بذمة المؤجِّر، وقد سُمِّيت (إجارة الذمة) نظرًا لتعلُّق المنفعة المعقود عليها بذمة المؤجر لا بعين محددة لذاتها.
ولذا يجب أن تكون المنفعة منضبطة بأوصاف تميزها عن غيرها، قال الإمام الحصفكي رحمه الله تعالى: "ويعلم النفع أيضًا ببيان العمل، كالصياغة والصبغ والخياطة بما يرفع الجهالة، فيشترط في استئجار الدابة للركوب بيان الوقت أو الموضع، فلو خلا عنهما فهي فاسدة" "الدر المختار" (6/ 10).
والأصل في الأجرة عند الحنفية أنها لا تجب إلا بعد استيفاء المنفعة، ولا تجب بمجرد العقد، إلا إنْ شُرط تعجيلها، قال ابن عابدين رحمه الله تعالى: "لا يلزم بالعقد أي: بدل الأجرة... لأن العقد وقع على المنفعة، وهي تحدث شيئًا فشيئًا، وشأن البدل أن يكون مقابلاً للمبدل، وحيث لا يمكن استيفاؤها حالاً لا يلزم بدلها حالاً" "رد المحتار" (6/ 10).
وعليه، فلا مانع من قيام صاحب الجمعية من إرسال بعثات لأداء المناسك بالأقساط الشهرية، بشرط أن يتكفل بجميع الأمور مما تم الاتفاق عليه، ويكون ملزَمًا في حال التعدي أو التقصير أمام المعتمرين. والله أعلم.