الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ليس من حُسْن العِشْرة بين الزوجين أن يُكره الزوج زوجته على السفر معه لأي طاعة أو أي سفر مباح؛ إذ الرضا والإرادة سبب التوفيق في كل شيء.
وإذا أُكرهت المرأة على أي مقصد كان ذلك سببًا في أذاها ونفورها، ويُخشى أن يكون سببًا في كراهيتها للعبادة، فتقع في الردة، ويكون الزوج سببًا في كل ذلك، رغبة منه في إثبات سلطانه الذي يظن أنه يبقى ناقصًا حتى يقع الإكراه، والواجب عليه أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
ومع ذلك أيضًا نقدم النصيحة للزوجة أن لا تعصي زوجها في رغبته في السفر، وإن كان يُحب رفقتها وصحبتها فلا تحرمه ذلك، ولا تكن سببًا للشقاق والنزاع، ولتعلمْ أنها إنْ لم تكن معذورة ورفضت السفر معه فقد وقعت في النشوز المحرم، فقد قال الفقهاء: إن للزوج أن يُجبر زوجته على السفر معه في سفر مباح، فإن امتنعت كانت ناشزاً، وسقطت نفقتها.
ولكن ليس له أن يجبرها على أداء فريضة الحج، وإنما يجب عليها أن تطيعه في السفر معه، فإذا وصلت تلك الديار فيُرجى أن لا تحرم نفسها أجر أداء هذه الفريضة العظيمة، حين ترى المسلمين قد أقبلوا عليها من كل حدب وصوب.
قال الماوردي: "فإن امتنعت واحدة منهن أن تسافر معه صارت ناشزًا، وسقط قسمها ونفقتها، إلا أن تكون معذورة بمرض لعجزها عن السفر؛ فلا تعصي" انتهى من "الحاوي الكبير" (9/ 590). والله أعلم.