الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الواجب على الوالد رعاية أمانة أبنائه بأحوط ما يمكن، فهم رعيّته التي ولاه الله رعايتهم والقيام عليهم بما يصلحهم، فلا يجوز التساهل والتفريط بما يحفظ عليهم صحتهم وحياتهم.
ولما كان رفضك إدخال ولدك المستشفى قد وقع على سبيل الخطأ وعدم المعرفة بعواقب الأمور، نرجو الله أن يتقبل منك التوبة، وأن يتجاوز عنك إن استغفرته ولجأت إليه معترفًا بتقصيرك ونادمًا على تفريطك، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) الشورى/25.
ولا يلزمك أداء الكفارة والدية في قياس قول جمهور العلماء، لسببين اثنين:
الأول: أنه لم يصدر عنك فعل مباشر ولا متسبب لموت الولد.
الثاني: أن الشفاء غير مضمون، وأن الموت بسبب تشخيص الطبيب أيضًا لم يكن مقطوعًا به.
وقد قال الخطيب الشربيني رحمه الله: "إن عجز عن أخذه -يعني أن يأخذ المضطر الطعام- منه، ومات جوعًا، فلا ضمان على الممتنِع، إذ لم يحدث منه فعل مهلك، لكن يأثم" انتهى من "مغني المحتاج" (6/ 162).
وجاء في "المحيط البرهاني" من كتب الحنفية (5/ 373): "الرجل إذا ظهر به داء، فقال له الطبيب: قد غلبك الدم فأخرجه، فلم يخرجه حتى مات لا يكون مأخوذًا؛ لأنه لا يعلم يقينًا أن الشفاء فيه، وفيه أيضًا: استطلق بطنه، أو رمدت عينه، فلم يعالج حتى أضعفه ومات بسببه لا إثم عليه؛ فرق بين هذا وبين ما إذا جاع ولم يأكل مع القدرة على الأكل حتى مات فإنه يأثم، والفرق: أن الأكل قدر قوته فيه شفاء يتعين، فإذا تركه صار مهلكًا نفسه، ولا كذلك المعالجة" انتهى. والله أعلم.