الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجوز تقبيل أيدي الوالدين والصالحين والعلماء من أهل الدين والعلم والفضل، فعن أسامة بن شريك قال: "قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبَّلنا يده" رواه أبو بكر بن المقرئ في جزء "تقبيل اليد" (ص/58)، وقال الحافظ ابن حجر: "سنده قوي". ينظر: "فتح الباري" (11/ 57)، وذكر هناك مجموعة من الأحاديث ووصفها بالجيدة الأسانيد.
وروى البيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 101) بسنده عن تميم بن سلمة قال: "لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الشَّامَ اسْتَقْبَلَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَبَّلَ يَدَهُ، ثُمَّ خَلَوْا يَبْكِيَانِ". قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ تَمِيمٌ: "تَقْبِيلُ الْيَدِ سُنَّةٌ".
ويُكره تقبيل يد غيرهم من أهل الرئاسة والجاه والمال، يقول الإمام النووي رحمه الله: "يُستحب تقبيل يد الرجل الصالح، والزاهد، والعالم، ونحوهم من أهل الآخرة، وأما تقبيل يده لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا بالدنيا ونحو ذلك فمكروه شديد الكراهة، وقال المتولي: لا يجوز" انتهى من "المجموع" (4/ 636).
وقد صنّف أبو بكر بن المقرئ فيها جزءًا خاصًّا، وتوسع في تقريرها الإمام ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (11/ 56-57) وأفاض في ذِكْرِ الأدلة عليها، ومما قاله: "وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه؛ فإن ذلك جائز".
لذلك لا ينبغي لمن يظن الناس فيهم الخير والصلاح أن يقع في قلوبهم وجه من التكبر والتعاظم بين الناس، فيغريهم تقبيل أيديهم بين الناس، ويتباهون بذلك، فقد خسر من رأى نفسه عند الناس عظيمًا، ولم يكن له عند الله تعالى حظ ولا نصيب، ومن تواضع لله رفعه الله؛ فعليهم بالتواضع، وعلينا تقديرهم وتقبيل أياديهم؛ لما لهم من أيادٍ بيضاء على الناس. والله أعلم.