الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ليس للإمام أن يحجز مكاناً معيناً لبعض المصلين ويمنع الآخرين منه، فإن كان ولا بد فحبذا لو قام بتطييب نفوس المصلين واستئذانهم في تخصيص مكان خلفه لبعض الحفظة.
وينبغي على المسلم أن يسارع إلى فعل الخيرات، ومنها المحافظة على الصلاة جماعة في الصف الأول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ، لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) رواه مسلم، ويكره له أن يُؤثر غيره في ذلك؛ لأن الإيثار في القربات مكروه.
كما يندب لأهل الفضل من حفظة كتاب الله أن يقفوا خلف الإمام؛ لأنهم أهل الله وخاصته ليفتحوا عليه في التلاوة، ويذكروه إن نسي، ويستخلفهم إن لزم الأمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) رواه مسلم.
قال الإمام النووي: "في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام؛ لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس وليقتدي بأفعالهم من وراءهم" "شرح النووي على مسلم" (4/ 155). والله تعالى أعلم.