الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الحكم الشرعي في هذه المسألة يتبع استشارة الأطباء المختصين وتوصيف عملية الولادة لهم بالدقة ما أمكن:
فإن قالوا إن الغالب أن السبب في وفاة الجنين هو طريقة التوليد الخاطئة؛ فحينها لا بد من الضمان بأداء الدية إلى ورثة الجنين، وصيام الكفارة شهرين متتابعين، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَطَبَّبَ، ولا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ، فَهُوَ ضَامِنٌ) رواه أبو داود.
يقول الخطابي رحمه الله: "لا أعلم خلافاً في المُعالِج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً. والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعدٍّ، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القَوَد؛ لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض، وجناية الطبيب في قول عامة الفقهاء على عاقلته" ينظر "معالم السنن" (4/ 39).
ويقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "وإذا أمر الرجلَ أن يحجمه أو يختن غلامه أو يبيطر دابته فتلفوا مِنْ فعله؛ فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة فلا ضمان عليه، وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح وكان عالماً به فهو ضامن" ينظر "الأم" (6/ 185).
أما إذا غلَّب الأطباء احتمال أن يكون سبب الوفاة طبيعياً داخلياً بسبب تأخر المساعدة، أو وقع الشك عندهم ولم يتمكنوا من تحديد السبب؛ فلا يجب عليها حينئذٍ أداء الكفارة والدية؛ لأن الأصل براءة ذمتها من ضمان المولود حتى يغلب على الظن أن الوفاة وقعت بخطأ منها.
وفي جميع الأحوال فلتلزم الاستغفار، وتلجأ إلى الله عز وجل في طلب العفو عما سلف ومضى. ينظر "أحكام الجراحة الطبية" (ص/519-534). والله أعلم.