الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
صلاة الفريضة لا يجوز قطعها؛ لقول الله تعالى: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) محمد/33، جاء في "حاشية عميرة على شرح المنهاج" (1/ 291): "احترز به عن قطع الصلاة فإنه حرام في فرض العين دون غيره".
وصلاة الجماعة فرض كفاية، فيُكره للمسلم الخروج منها وقطعها إلا لعذر، فمن تأذى في صلاة الجماعة ممن بجانبه بسبب وجود رائحة كريهة له، فله أن يقطع القدوة ويكمل صلاته منفرداً ويُعجل بها، وهو معذور في ذلك إن شاء الله تعالى.
قال الإمام الشرواني: "يقتضي أن من أكل ذا ريح كريه ثم اقتدى بالإمام أنه يجوز له قطع القدوة، ولا تفوته فضيلة الجماعة، والذي ينبغي أن هذا ونحوه إن حصل بخروجهم عن الجماعة دفع ضرر الحاضرين أو عن المصلي نفسه" "حاشية الشرواني على التحفة" (2/ 357)، فإذا جاز ذلك للآكل؛ فمن باب أولى أن يجوز لمن تأذى به.
قال الخطيب الشربيني: "وفي الصحيحين (أن معاذاً صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم، فانصرف رجل فصلى، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالقصة؛ فغضب وأنكر على معاذ، ولم يُنكر على الرجل، ولم يأمره بالإعادة) فهو إنما يدل على جواز الإبطال لعذر" "مغني المحتاج" (1/ 511).
وننصح كل من ابتلي بالتدخين أو أكل الثوم أو البصل قبل الصلاة أن لا يحضر الجماعة؛ لئلا يؤذي المصلين فيقع في الإثم، قال الإمام النووي: "ولا رخصة في تركها -أي صلاة الجماعة- إلا بعذرٍ عامٍّ كمطر أو ريح عاصف بالليل، وكذا وحل شديد على الصحيح، أو خاص كمرض وحَرٍّ وبرد شديدين... وأكل ذي ريح كريه" "مغني المحتاج" (1/ 476). والله تعالى أعلم.