الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
عقود المرابحة للآمر بالشراء لدى غالب البنوك الإسلامية لا تُلزم الآمر بالشراء بإتمام الصفقة قبل توقيع عقد البيع، وإنما تُخبره أنه في حال نُكوله عن إتمام الصفقة بعد وعده بالشراء فإن البنك سيبيع البضاعة التي اشتراها، فإن خسر فيها تحمل الآمر بالشراء مقدار تلك الخسارة، فإذا قبل الآمر بالشراء هذا الشرط فلا حرج فيه، وليس فيه غرر أو جهالة، كما ليس فيه تحايل على الحرام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود.
والغالب أيضاً أن البنك يقوم ببيع البضاعة بسعرها الكامل، ولا يكون هناك أي خسارة، بل يكون البنك قد اشترط على الجهة الموردة خيار الشرط ليحفظ حقه في إرجاع البضاعة حال نكول الآمر بالشراء عن إتمام الصفقة معها، وهذه كلها من المخارج الشرعية التي جاءت الشريعة بالتيسير بها على الناس، فالوعد الملزم لأحد الطرفين لا يعني تمام البيع قبل التملك، وإنما الممنوع هو الوعد الملزم لكلا الطرفين.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي القرار رقم (40-41، 2/ 5، 3/ 5) وفيه: "الوعد -وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد- يكون ملزماً للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقاً على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر".
كما جاء في المعيار (رقم/8، 4/ 2، ص96) من "المعايير الشرعية" الصادرة عن مجموعة من المختصين في فقه المعاملات المعاصرة قولهم: "يحق للمؤسسة الحصول على التعويض عن الضرر الفعلي الناشئ عن نُكول العميل في حال الوعد الملزم، وذلك بتحمل العميل الفرق الحاصل بين ثمن السلعة المبيعة للغير وبين الثمن الأصلي المدفوع من المؤسسة للبائع الأول". والله أعلم.