الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إذا كان الوالد محتاجاً للمال لينفق على نفسه وعلى الوالدة لتحقيق الحاجات الأساسية وجب على جميع الأولاد المساهمة في كفاية هذه الحاجات، فإذا كانت ابنتهما عاملة وجب عليها دفع حصتها من النفقة الواجبة على الوالدين.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "من استوى فرعاه في قرب وإرث أو عدمهما، وإن اختلفا في الذكورة وعدمها -كابنين، أو بنتين، أو ابن وبنت- أنفقا عليه، وإن تفاوتا في قدر اليسار، أو أيسر أحدهما بالمال والآخر بالكسب؛ لأن علة إيجاب النفقة تشملهما... وهل يستويان في قدر الإنفاق، أم يوزع الإنفاق بينهما بحسب الإرث؟ وجهان، وجه التوزيع إشعار زيادة الإرث بزيادة قوة القرب، ووجه الاستواء اشتراكهما في الإرث، ورجح هذا الزركشي وابن المقري، والأول أوجه كما جزم به في الأنوار" انتهى من "مغني المحتاج" (5/ 189).
أما إذا كان الوالدان غير محتاجين للمال، ودخلهما يكفيهما، فلا يجب على البنت العاملة أن تدفع إليهما شيئاً من راتبها، ولا يحل للوالد المطالبة بوفاء ما أنفقه عليها لدراستها، فتلك نفقة واجبة عليه، وليست ديناً في ذمة البنت، ولكن الأولى لها أن تدفع إليهم على سبيل الهبة والصدقة، لتنال الأجر عند الله، ولتدرأ عن نفسها المتاعب، ولا يشترط علم الزوج بذلك ما دام من راتب الزوجة ودخلها الخاص، والأفضل أن تستأذنه تطييباً لخاطره. والله أعلم.