الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجوز تربية الكلاب وتعليمها الحراسة أو الصيد أو غيرها من الحاجات التي يباح اقتناء الكلاب لأجلها، فقد ورد جواز ذلك في حديث الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن اقْتَنى كَلْباً لا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعاً وَلا ضَرْعاً؛ نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِه قيراط)، يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "يجوز اقتناء الكلب لمن يصيد به، أو يحفظ به نحو ماشية كزرع ودرب، وتربية الجرو الذي يتوقع تعليمه لذلك" انتهى من "مغني المحتاج" (2/ 342).
وأما بيعها فقد ذهب العلماء إلى تحريمه، وقالوا: إن على من يملكها بذلها لمن يحتاج إليها مجاناً، وأجاز الشافعية أن يأخذ مقتني الكلب مالاً مقابل رفع يده عنه لغيره، فيكون المال في مقابلة رفع اليد لا ثمناً للكلب، وذهب الحنفية إلى جواز شرائها، وأن منع البيع مخصوص بالكلاب التي لا يجوز اقتناؤها.
وأباح الإسلام تدريب الكلاب وتعليمها، كما قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) المائدة/4. بل إن تدريبها شرط أساسي في حل الصيد الذي تصيده. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "الكلب المعلَّم الذي إذا أرسل استرسل، وإذا أخذ حبس ولم يأكل، فإذا فعل هذا مرة بعد مرة كان معلَّماً، يأكل صاحبه ما حبس عليه، وإن قتل ما لم يأكل. فإذا أكل فقد قيل يخرجه هذا من أن يكون معلَّماً" "الأم" بتصرف يسير (2/ 249).
ولذا فإن إقامة مأوى خاص لتدريب الكلاب والعناية بها أمر مستحسن؛ لما فيه من الإحسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) متفق عليه. والله تعالى أعلم.