معلوم أن الله تبارك وتعالى جعل لهذا الكون سُنناً يسير وفقها، فجعل النار تحرق بعض الأجسام القابلة للاحتراق، وجعل الماء غير قابل لأن يمشي عليه الإنسان بلا واسطة، ولم يجعل في مقدور الإنسان أن يطير في الهواء بلا واسطة، هذه السنن التي وضعها الله تعالى قد يخرقها لبعض الأشخاص لكن إن كان خرقها علي يدي نبي سُمّي خَرْقُها معجزةً، وتكون تأييداً من الله تعالى للنبي وترسيخا لإيمان المؤمنين به، وقد ذكر القرآن الكريم معجزات كثيرة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإن كان خرقها علي يدي رجل صالح سُمي خرقُها كرامةً، وقد ورد ذكر الكرامة في القرآن الكريم، قال تعالى عن مريم: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّا) مريم/25، وقال: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً) آل عمران، الآية/37، كما جاء الإخبار عن الكرامات في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مستمرة في هذه الأمة إلى قيام الساعة غير أنها تقلّ وتكثر وفق حكمة الله تعالى، وإن كان خرق العادة على يدي رجل غير معروف بالصلاح من هذه الأمة سُمِّي خرْقُها معونةً، وإن كان خرقها على يدي كافر أو فاسق سمي خرقها استدراجاً، كما جاءت الأحاديث عن الأمور العجيبة التي ستظهر على يدي الدجال في آخر الزمان، والمهم أن نعلم أن خرق العادة لا يقتضي الولاية، كما أن الولاية لا تقتضي خرق العادة، فقد يكون ولياً ولا تظهر له كرامة، وأعظم الكرامات الاستقامة على منهج الله؛ لأن فيها البعد عن دنس المعاصي.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى العقيدة / فتوى رقم/16)