هذا أمر لم تجرِ به العادة ولا يُستبعد أن يحصل هذا لبعض الأولياء كرامةً لهم من الله تعالى، لأنَّ الكرامة كما عرّفها العلماء: أمرٌ خارق للعادة، فلو ادَّعى شخص أنَّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في اليقظة لا ننكر عليه ذلك إن كان ظاهر الصلاح، ولكن إذا قال أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقظةً أو مناماً فأمره بكذا أو نهاه عن كذا ويريد بذلك أن يزيد في أحكام الشريعة لا نقبل منه، لأن الله تبارك وتعالى أتمَّ لنا الدين ولا مجال لزيادة فيه ولا نقص، وقد قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) المائدة/3، فإذا احتجَّ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي) رواه البخاري، نقول له: النائم لا يصلح للتَّلقِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن من شرط التلقِّي في رواية الحديث اليقظة، كما أن الشكَّ يتطرَّق إلى من يريد تغيير أحكام الدين برؤيا في المنام، ولو فُتِح هذا الباب لتلاعب الناس بالإسلام، ولهذا اتَّفق العلماء على أن الاحتجاج بالرؤيا باطل، إذا صادم نصّاً من القرآن أو السنة.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/68)