هذه النصيحة التي وردت في كتاب الإحياء والكتب المأخوذة عنه مبنيَّة على عُرف اجتماعيّ كان في زمانهم، فقد كانوا يعتبرون تشبيك الأصابع نوعٌ من الخِفَّة والاستخفاف بالجلساء، ولا يجوز للمسلم أن يستخف بجلسائه.
وقد ورد النهي عن تشبيك الأصابع في الصلاة، والمسلم يجب أن يبتعد عن الحرام وينبغي له أن لا يفعل المكروه، وأن لا يفعل أيضاً المباح الذي لا يليق بكرامة أمثاله، فقد ذكر الفقهاء في بحث العدالة المطلوبة في الراوي والشاهد وغيرهما: أن العدل هو الذي لم يرتكب كبيرة ولا يصرُّ على صغيرة، ولم تغلب سيِّئاته حسناتِه، ولا يفعل ما يخلّ بمروءة أمثاله، والمحرّمات والمكروهات لا تختلف من زمان لآخر لأنها تستند إلى المصادر الشرعيَّة، أما ما يخلُّ بالمروءة فهذا يختلف من زمن لآخر لأنّه يستند إلى الأعراف الاجتماعية، وهذه تتبدَّل فقد كان المشي في الأسواق مع الحسر عن الرأس يُعدُّ منافياً للمروءة أو مسقطاً للعدالة، لأنه يدلُّ على استهتار الإنسان بقدر نفسه، واليوم تغيّر العُرف فلا يُعدُّ خروج الإنسان حاسراً لرأسه مخالفاً للمروءة إلاّ في حقِّ بعض الناس.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/66)