الفقهاء يفرِّقون بين الغناء والموسيقى، فالغناء: هو إنشاد الشعر ونحوه بأنغام خاصّة فيها مدود وغُنَنٌ حسب نظام خاصٍّ كالأناشيد الدينيَّة بلا موسيقى، وهذه مباحة بشروط، منها: أن لا تكون من النساء للرجال ولا من الرجال للنساء، ويكون معناها غير منافٍ للأحكام الشرعيّة والآداب الإسلاميّة، وليس فيها تغزُّل بمعيَّنٍ من رجل أو امرأة، ولا تشغل عن واجب دينيٍّ ولا دنيويٍّ.
وأما الموسيقى وهي الأصوات التي تخرج من آلات خاصَّة وتُسمّى المعازف، فقد أباح الفقهاء بالأدلَّة الشرعيَّة الدفَّ للأعراس والطبل للحرب، واختلفوا فيما عدا ذلك كما اختلفوا في غيرها من المسائل حسب ثبوت الدليل، وفقهاء المذاهب الأربعة على أنها حرام، واستدلُّوا بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ...) رواه البخاري، ووجه الدلالة في قوله" يستحلُّون" أي هو حرام ويقولون عنه: أنَّه حلال، ثم إنه فرَّق بين المعازف والحر والحرير في الحكم، والحر: هو فروج النساء، ومعلوم أن الحرير حرام على الرجال.
أما قولهم أن أهل الحجاز أحلُّوه فغير صحيح، فالشافعي ومالك من علماء الحجاز والموسيقى حرام عندهم كما ذكرت إلا الطبل والدف.
وأما قول المستشرقين أن الخلفاء شجَّعوا أهل الحجاز على الغناء كيلا يشتغلوا بالسياسة فهذا افتراء، والخلفاء فتحوا البلاد ونشروا الدين وكووا قلوب الكافرين، وكفى بالمرء ضلالاً وتبعيَّة للكفار أن يصدِّق المستشرقين على خلفاء المسلمين.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/65)