النقاب واجب لقول الله عز وجل: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) الأحزاب/53، وهذا في حقِّ الصحابة مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وهم خير القرون، وهن خير نساء المسلمين وأتقاهن، ومُحرَّمات على جميع المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجوب الحجاب على غير نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع غير الصحابة من باب أولى، ومن العجيب أن يُقال: هذا حكم خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا الحكم إذا كان لمن شهد الله لهنَّ بالخير مع من شهد لهم الله تبارك وتعالى بالخير أيضاً، فمن بابٍ أولى أن يكون هذا الحكم واجب على غيرهن مع غيرهم من باب أولى؛ لأن العلَّة المحافظة على طهارة القلوب، وغيرهم وغيرهن أحوج لذلك، وإذا كان لا يجوز للمرأة أن تُظهر قدمها للأجانب فكيف تُظهِر وجهها؟! وهذا الحكم لم يكن فيه خلاف بين المسلمين حتى اختلطوا بغيرهم وتأثَّروا بأخلاقهم، ولو أسفرت المرأة مع الاستغفار لكان أهون عند الله تعالى من استحلالِ ما قامت الأدلَّة على وجوبه، وتغطيةِ حب تقليد الكافرين بحجج داحضة، أما غض البصر فهو واجب آخر ولا يغني الحجاب عن غض البصر، فالمحجَّبة وغيرها مطالبتان بغض البصر، ولا يغني غض البصر عن الحجاب.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/58)