تعدُّد المذاهب الإسلاميّة يطول الحديث عن أسبابه وحكمته، لكن يمكن أن نقول باختصار: إنّ المذاهب الإسلاميّة هي مناهج في فهم نصوص الكتاب والسنة، "وكلهم من رسول الله ملتمس"، والبحث في أقوال المذاهب ومقارنة بعضها ببعض، هو دأب العلماء المختصين منذ أمد بعيد، وكل باحث يترجح له قول يعمل به ويفتي به غيره، ولا غضاضة على الإسلام في تعدد المذاهب، بل هو علامة على حرية الفكر، وسعة الأفق لدى علماء المسلمين، أما التنازع بين أتباع المذاهب فليس من خُلق السلف الصالح، وهو من ضيق الأُفق، وقول بعضهم عند - عقد الزواج - : (زوّجتك فلانة على مذهب الإمام أبي حنيفة)؛ فهذا يريدون به أنه إذا حصل نزاع بين الزوجين يحكم فيه مذهب أبي حنيفة، والواقع أن عدم ذكر هذه العبارة أولى؛ لأن النزاع يُفصل به وفق قانون الأحوال الشخصية، وهو مأخوذ من عدة مذاهب.
ويجب التنويه إلى أن الأمور الأساسية لا خلاف فيها بين المذاهب الإسلامية، مثل: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وحجيّة الكتاب والسنة، ووجوب الصلاة، وعدد ركعاتها، ووجوب الصيام، وشهْرُه... إلخ، والخلاف هو في الفروع فقط مثل نقض الوضوء بلمس المرأة، وتحريك السبابة عند التشهد في الصلاة، وجواز أكل الضبع، والكثير من المسائل غير العملية.
وغير المتخصص بالعلوم الشرعية عليه أن يسأل العلماء الموثوقين، ثم يعمل بقولهم.
وعلى طالب العلم أن يهتم بالمسائل العملية التي تجمع شمل المسلمين، وقد قيل (من كثُر علمه قل اعتراضه) ومن قلة العلم الاهتمام بالخلافيات وسرعة الاعتراض على الآخرين.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/43)