لا خلاف بين المسلمين في أن المرأة إذا غطت وجهها وجميع جسمها عن الرجال الأجانب فقد عملت عملاً فاضلاً لا يعترض عليه، وإذا كشفت أكثر من الوجه والكفين أمام الرجال الأجانب فقد أثمت، والخلاف بين المتفقهين اليوم في أمر الوجه والكفين، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ) رواه النسائي، وقال: (فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ) رواه مسلم.
وعملاً بهذين الحديثين الشريفين فإن البُعد عن الريبة والشبهة تقتضي تغطية الوجه والكفين، وقد قال الله تعالى للصحابة الكرام فيما يتعلق بمعاملة نساء النبي صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) الأحزاب/53، مع أن نساء النبي عليه الصلاة والسلام مُحَرَّمات على جميع المسلمين بنص القرآن، والصحابة الكرام هم أفضل قرون هذه الأمة، وقد بيَّن عِلة الأمر بالحجاب وأنها المحافظة على طهارة القلوب، فإذا كان هذا في حق الصحابة مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فماذا يقال في حق غيرهنَّ مع غير الصحابة! خاصة إذا لاحظنا فساد بعض القلوب هذه الأيام وظهور الفتن.
إن من تأمل هذا وجد الحجة إن كان يطلبها وعرف وجه الصواب.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/38)