حملات البرِّ والإحسان لا تجبر الناس على دفع الزكاة إليهم، ولذا يجوز للإنسان أن يخرج زكاته بنفسه، ويجوز أن يدفعها إلى القائمين على حملة البر والإحسان وإلى صندوق الزكاة والجمعيَّات التي تقوم على جمع الزكاة وتوزيعها -إن غلب على ظنه أن هذه الزكاة تُدفَع إلى المستحقين شرعاً-.
وأما إذا طلب الحاكم من المسلم أن يدفع الزكاة إليه أي إلى عمّاله؛ فهنا فرَّق الفقهاء بين المال الباطن -وهو الذهب والفضة والتجارة والركاز- فهذه لا يجب دفعها إلى الإمام وإن طلبها؛ لأنه ليس له حقٌّ في طلبها بالإجماع، كما قال النوويُّ في "المجموع"، وإن كان المال ظاهراً -وهو الأنعام والزروع والمعادن- فهذه يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها وإن كان جائراً؛ لأن الإمام الجائر حكمه نافذ فيما وافق الشريعة، وهذا موافق للشريعة.
ولعل الفرق أن زكاة المال الباطن (أي الذي يمكن إخفاؤه) تدلُّ عليه؛ فتمتدُّ إليه الأطماع، وأما المال الظاهر فلا يمكن إخفاؤه، ولا عذر في منع أداء زكاته للإمام.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الزكاة/ فتوى رقم/34)