الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حكم زكاة أموال النقابات والجمعيات الخيرية فيه تفصيل تابع لتحديد مالك تلك الأموال.
فإن كان المالك هم أعضاء تلك النقابات والجمعيات بصفة أنهم مساهمون فيها، بحيث إن العضو إذا انسحب من النقابة أو الجمعية أخذ المبلغ الذي يمتلكه، أو حصته منه، فإنّ هذه الأموال تُزكى زكاة الخليطين، أي: تُجعل كالمال الواحد، وتقوم إدارة الصندوق بإخراج الزكاة نيابة عن الأعضاء كل بحسب نصيبه، فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ؛ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ". وقال الإمام ابن حجر الهيتمي: "المنقول المعتمد أن الخلطة - أيْ: شيوعاً أو جواراً - في الحيوان والمُعشَّر وغيرهما كما صرحوا به تَجعل المالين كالمال الواحد" "تحفة المحتاج" (3/ 259).
وأما إن كان المالك غير مُعيّن، بل جهة عامة، بأن تكون أموال الجمعية أو النقابة تبرعات، بحيث لا تعود هذه الأموال إلى أصحابها، فإنه لا زكاة فيها؛ لأنها في حكم المال الموقوف، والمال الموقوف لا زكاة فيه، قال الإمام الكاساني الحنفي: "لا تجب الزكاة في سوائم الوقف والخيل المسبّلة لعدم الملك؛ وهذا لأن في الزكاة تمليكاً، والتمليك في غير الملك لا يتصور" "بدائع الصنائع" (2/ 9)، كما جاء في "مطالب أولي النهى" من كتب الحنابلة (2/ 16): "ولا تجب زكاة... في نقد موصى به في وجوه بر، أو موصى ليُشتَرى به وقف؛ لعدم تعيين مالكه" انتهى بتصرف. والله تعالى أعلم.