العلماء ليسوا على درجة واحدة من العلم، والذي يُعتبر قوله منهم هم الأئمَّة الكبار الذين شهد لهم أهل العلم بالعلم كالأئمَّة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعيِّ وأحمد، وكبار تلاميذهم، وعلماء مذاهبهم، ومع ذلك فالعلماء ينظرون في أقوال بعضهم، ويعتمدون ما وافق أصول الاجتهاد، ولذا قالوا:
وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافٌ له حظ من النظر
والأئمّة الأربعة يتّفقون على أن الحائض والنفساء لا يجوز لهما أن يمسّا المصحف ولا أن يقرآ القرآن، سواء في رمضان أو غيره، واستثنى المالكيّة من هذا المعلِّمة والمتعلِّمة.
أما الذين قالوا بجواز قراءة القرآن للحائض والنفساء فحجَّتهم أن الأصل الإباحة، والأدلّة التي استدلّ بها الجمهور ليست قاطعة، وفاتهم أن الأدلّة الفقهيّة لا يجب أن تكون قاطعة بل تكفي غلبة الظن، وأن الاحتياط لأمر الدين واجب، فالحائض والنفساء لا تُسأل يوم القيامة: لماذا لم تقرئي ولم تمسي المصحف؟ لكن قد تُسأل لماذا قرأتِ ولمستِ؟ واتِّفاق المذاهب الأربعة على حكم لا يأتي من فراغ، بل هو فقه نقلوه عن الصحابة الكرام، فالعمل بقولهم أولى.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الطهارة/ فتوى رقم/28)