لا يجوز للمرأة في حال الحيض والنفاس أن تقرأ القرآن ولا أن تمس المصحف، وهذا مقتضى مذاهب أهل السنة الأربعة: الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة.
واحتجُّوا على ذلك بقول الله تعالى عن القرآن الكريم: (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) الواقعة/79. وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن) رواه الترمذي والبيهقي وضعَّفاه.
وحديث علي رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجبه أو يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة) رواه أبو داود والنسائي وقال: حديث حسن صحيح.
وقد قاسوا الحائض والنفساء على الجنب لأن حالها أشدُّ، لكن المالكية استثنوا المعلِّمة والمتعلِّمة، وقالوا: يجوز لهما قراءة القرآن ولمسه عملاً بالقاعدة الشرعية: (المشقَّة تجلب التيسير) وهي قاعدة مستنبطة من قول الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الأنعام/119. ووجه الاضطرار أن مدَّة الحيض والنفاس تطول فيُخشى عليها نسيان القرآن، وقد يكون تعليم القرآن على وجه الكسب؛ أي وظيفة لها، وفي ترك التعليم خلال مدة الحيض ضرر عليها.
ثم إن الحائض والنفساء ليستا كالجنب، فالجنب يستطيع إزالة عذره بالغسل، وهما لا تستطيعان إزالة العذر إلا بعد انتهاء مدة الحيض والنفاس، ومن كل هذا يتبيّن أن المعلِّمة والمتعلِّمة يجوز لهما قراءة القرآن ولمس المصحف خلال فترة الحيض والنفاس عملاً بمذهب المالكية، وهو مذهب معتَبَر من مذاهب أهل السنة.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الطهارة/ فتوى رقم/27)