الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
كل بقعة من الأرض تصح الصلاة فيها تعد مسجداً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا) رواه البخاري. لكن المسجد الذي تترتب عليه أحكام فقهية هو المكان الموقوف للصلاة، أي الذي وُقف وحُبس ليكون مخصصاً للصلاة.
وأما المصلى فهو موضع الصلاة والدعاء، ولا يشترط فيه أن يكون موقوفاً، بل يصح أن يكون موقوفاً وغيره، فالمصلى إذن يشمل المسجد وغير المسجد، فكل مسجد مصلى وليس كل مصلى مسجداً.
ويفارق المسجد المصلى في بعض الأحكام منها:
أولاً: المسجد - كما ذكرنا -: المكان الموقوف للصلاة؛ فلا يصح التصرف فيه ببيع ونحوه. قال الإمام النووي: "الأظهر أن الملك في رقبة الموقوف ينتقل إلى الله تعالى، أي ينفك عن اختصاص لآدمي فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه" "منهاج الطالبين (170)، أما المصلى فيصح كونه مملوكاً لشخص معين، ويصح بيعه أو تحويله إلى مكان آخر، ويصح كونه مستأجراً.
ثانياً: يحرم على الحائض والجنب اللبث في المسجد، بينما يصح لهما المكث في المصلى. قال الإمام النووي: "ويحرم بها - أي بالجنابة - ما حرم بالحدث، والمكث بالمسجد لا عبوره" "منهاج الطالبين" (1/ 12 ).
ثالثاً: الاعتكاف أو تحية المسجد لا يصحان إلا في المسجد. قال الخطيب الشربيني: "ولا يفتقر شيء من العبادات إلى مسجد إلا التحية والاعتكاف والطواف" "مغني المحتاج" (5/ 329).
رابعاً: يحرم اعتلاء المسجد ببناء أو طوابق. جاء في "حاشية ابن عابدين": "لو تمت المسجدية ثم أراد البناء - أي بناء بيت للإمام فوق المسجد - مُنع" (3/ 371)، أما المصلى فيصح ذلك لأنه ليس بموقوف، مع مراعاة المحافظة على نظافة المصلى وتنزيهه عن النجاسة.
وتصح صلاة الجمعة في المصلى، والأفضل كونها في المسجد. قال الشيخ الجمل عن صلاة الجمعة: "لأن إقامتها في المسجد ليست بشرط" "حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/ 238). والله تعالى أعلم.