الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الوقف باب عظيم من أبواب الخير، وهو من أعظم أنواع الصدقات الجارية؛ ذلك أن ثوابها دائم لا ينقطع. وقد أجاز السادة الحنفية والحنابلة في رواية وقف النقود لتُصْرَفَ في وجوه البر، قال الإمام ابن عابدين في حاشيته: "لمَّا جرى التعامل في زماننا في وقف الدراهم والدنانير دخلت تحت قول محمد المفتى به" "رد المحتار" (6/ 434). وجاء في "الإنصاف" للمرداوي (7/ 11): "وعنه - أي الإمام أحمد -: يصح وقف الدراهم".
ولمّا كان وقف المال مُخرِجاً له عن مِلْكِ صاحبه، فالمبلغ المتحصل عليه في السؤال وأي مساهمات أخرى لوقف المسجد لا يجوز أن تُرجع لدافعيها بأي حال، ولا بد أن تُصرف في وقف المسجد.
كما أن المال الموقوف لمصالح المسلمين لا زكاة فيه؛ لعدم تعيُّن مالكه، قال الإمام الكاساني الحنفي: "لا تجب الزكاة في سوائم الوقف والخيل المسبّلة لعدم الملك؛ وهذا لأن في الزكاة تمليكاً، والتمليك في غير الملك لا يتصور" "بدائع الصنائع" (2/ 9)، وكما في "مطالب أولي النهى" من كتب الحنابلة (2/ 16): "ولا تجب زكاة... في نقد مُوصى به في وجوه بر، أو مُوصى ليُشتَرى به وقف؛ لعدم تعيين مالكه" انتهى بتصرف.
وعليه فلا زكاة في هذا المال. والله تعالى أعلم.