الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حرَّم الإسلام القتل بغير وجه حق وجعله من الكبائر، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء/93، وجعل لمن قُتل ظلماً وغدراً أجر الشهيد، كمن قُتل أثناء تأديته لعمله.
فأجر الشهادة كما يكون لشهيد المعركة يكون لغيره كمن قُتل ظلماً، وهذا ما بيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قال: (ما تعدُّون الشهيد فيكم)؟ قالوا: يا رسول الله، من قُتِلَ في سبيل الله فهو شهيد. قال: (إن شهداء أمتي إذن لقليل). قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: (من قُتِلَ في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد) رواه مسلم، لذلك يقول الإمام الرملي: "والشهيد إما شهيد الآخرة فقط وهو كل مقتول ظلماً..." "نهاية المحتاج" (2/ 496).
وكتابة أجر الشهادة لمن يُقتل ظلماً لا تعني تطبيق أحكام الشهادة الدنيوية من حرمة الغسل والصلاة عليه، وإنما هي ثواب من الله تعالى في الآخرة، يقول الإمام النووي رحمه الله: "واعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام: أحدها: المقتول في حرب بسبب من أسباب القتال؛ فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه، والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا، وهو المبطون, والمطعون, وصاحب الهدم, ومن قتل دون ماله, وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيداً؛ فهذا يُغسَّل ويُصلَّى عليه وله في الآخرة ثواب الشهداء, ولا يلزم أن يكون مثل ثواب الأول" انتهى "شرح مسلم" (2/ 164). والله تعالى أعلم.